
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقيل: صبر العابدين أحسنه أن يكون محفوظًا، وصبر المحبِّين أحسنه أن يكون مرفوضًا، كما قيل (1):
تبيَّن يوم البين أنَّ اعتزامه ... على الصبر من إحدى الظُّنون الكواذب
والشكوى إلى الله عزَّ وجلَّ لا تنافي الصبر، فإنَّ يعقوب عليه السلام وعد بالصبر الجميل، والنبيُّ إذا وعد لا يخلف، ثمَّ قال: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِيَ إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. وكذلك أيُّوب أخبر الله عنه أنَّه وجده صابرًا مع قوله: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83].
وإنّما ينافي الصبر شكوى الله، لا الشكوى إلاه. كما رأى بعضهم رجلًا يشكو إلى آخر فاقةً وضرورةً، فقال: يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ثمَّ أنشده (2):
وإذا عرتك بليَّةٌ فاصبر لها ... صبرَ الكريم فإنَّه بك أعلم
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنَّما ... تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
فصل
قال صاحب «المنازل» (3): (الصبر: حبس النفس على المكروه، وعقل