
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يحزنه فوتُه.
وقد مثِّل ذلك بحال الطِّفل الرضيع في اعتماده وسكونه وطمأنينته بثدي أمِّه لا يَعرف غيره، وليس في قلبه التفاتٌ إلى غيره. كما قال بعض العارفين: المتوكِّل كالطِّفل، لا يعرف شيئًا يأوي إليه إلَّا ثدي أمِّه، كذلك المتوكِّل لا يأوي إلَّا إلى ربِّه عز وجل (1).
فصل
الدرجة الخامسة: حسن الظنِّ بالله تعالى، فعلى قدر حسن ظنِّك به ورجائك له يكون توكُّلك عليه. ولذلك فسّر بعضهم التوكُّل بحسن الظن فقال: التوكل حسن الظنِّ بالله (2).
والتحقيق: أن حسن الظنِّ به يدعوه إلى التوكُّل عليه، إذ لا يتصوَّر التوكُّل على من تُسيء ظنَّك به، ولا التوكُّل على من لا ترجوه.
فصل
الدرجة السّادسة: استسلام القلب له، وانجذاب دواعيه كلِّها إليه، وقطع منازعاته. وبهذا فسَّره من قال: أن يكون العبد بين يدي الله كالميِّت بين يدي الغاسل يقلبه كيف أراد، (3) لا يكون له حركة ولا تدبير.
وهذا معنى قول بعضهم: التوكُّل إسقاط التدبير، يعني الاستسلام لتدبير