مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7140 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

كسبها، وإلَّا لم يشهد الحقيقة.

وأمَّا (رفض الدعوى لا علمًا)، فالدعوى نسبة الحال وغيره إلى نفسك وإنِّيَّتك (1)، فالاستقامة لا تصحُّ إلَّا بتركها، سواءٌ كانت حقًّا أو باطلًا، فإنَّ الدعوى الصادقة تطفئ نور المعرفة، فكيف بالكاذبة!

وأمَّا قوله: (لا علمًا)، أي لا يكون الحامل له على ترك الدعوى مجرَّدُ علمه بفساد الدعوى ومنافاتها للاستقامة، فإذا تركها يكون تركها لكون العلم قد نهى عنها، فيكون تاركًا لها ظاهرًا لا حقيقةً، أو تاركًا لها لفظًا قائمًا بها حالًا، لأنَّه يرى أنَّه قد قام بحقِّ العلم في تركها، فيتركها تواضعًا؛ بل يتركها حالًا وحقيقةً، كما يترك من أحبَّ شيئًا تضرُّه محبَّتُه حبَّه حالًا وحقيقةً.

فإذا تحقَّق أنَّه ليس له من الأمر شيء، كما قال الله عزَّ وجلَّ لخير خلقه على الإطلاق: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] = ترَكَ الدعوى شهودًا وحقيقةً وحالًا.

وأمَّا (البقاء مع نور اليقظة)، فهو الدوام في اليقظة، وأن لا يطفئ نورَها بظلمة الغفلة، بل يستديم يقظته، ويرى أنَّه في ذلك كالمجذوب المأخوذ عن نفسه حفظًا من الله له، لا أنَّ ذلك حصل بتحفُّظه واحترازه.

فهذه ثلاثة أمورٍ: يقظةٌ، واستدامةٌ لها، وشهود أنَّ ذلك بالحقِّ سبحانه لا بك؛ فليس السببُ (2) في نور اليقظة تحفُّظه، بل حفظ الله له.

وكأنَّ الشيخ - رحمه الله - يشير إلى أنَّ الاستقامة في هذه الدرجة لا تحصل

الصفحة

378/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !