
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الجهَّال. وهو ما بين جليٍّ وخفيٍّ، وهو أنواعٌ لا تحصى، وهو سارٍ في النُّفوس سَرَيان الحمَّى في بدن المحموم.
ولو تأمَّل العبدُ كلامه وأمنيته وإرادته وأحواله، لرأى ذلك في قلبه عِيانًا، فكلُّ نفسٍ معترضةٌ على قَدَر الله وقَسْمه وأفعاله، إلَّا نفسًا قد اطمأنَّت إليه وعرفته حقَّ المعرفة التي يمكن وصولُ البشر إليها، فتلك حظُّها التسليمُ والانقيادُ والرِّضا كلُّ الرِّضاء.
وأمَّا (نقض رعونة التعرُّض)، فيشير به إلى معنًى آخر، لا تتمُّ المراقبة عنده إلَّا بنقضه، وهو إحساس العبد بنفسه وخواطره وأفكاره حالَ المراقبة والحضورِ (1) مع الله، فإنَّ ذلك تعرُّضٌ منه لحجاب الحقِّ له عن كمال الشُّهود، لأنَّ بقاء العبد مع مداركه وحواسِّه ومشاعره وأفكاره وخواطره عند الحضور والمشاهدة هو تعرُّضٌ للحجاب، فينبغي أنّ تتخلَّص (2) مراقبةُ نظر الحقِّ إليك من هذه الآفات. وذلك يحصل بالاستغراق في الذِّكر، فتَذْهَل به عن نفسك وعمَّا منك، لتكون بذلك متهيِّئًا مستعدًّا للفناء عن وجودك وعن وجود كلِّ ما سوى المذكور سبحانه.
وهذا التهَيِّي (3) والاستعداد لا يكون إلا بنقض تلك الرُّعونة. والذِّكر