مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
وقد اختلف الناس في الزُّهد هل هو ممكن في هذه الأزمنة (1)؟
فقال أبو حفصٍ - رحمه الله -: الزُّهد لا يكون إلا في الحلال، ولا حلال في الدُّنيا، فلا زهد (2).
وخالفه النّاس في هذا وقالوا: بل الحلال موجودٌ فيها، وفيها الحرام كثيرًا (3). وعلى تقدير أن لا يكون فيها الحلال، فهذا أَدْعى إلى الزُّهد فيها وتناولِ ما يتناوله المضطرُّ منها، كتناوله للميتة والدم ولحم الخنزير. (4)
ثمّ اختلف هؤلاء في متعلَّق الزُّهد، فقالت طائفة: الزُّهد إنما هو في الحلال، لأنَّ ترك الحرام فريضة.
وقالت فرقةٌ: بل الزُّهد لا يكون إلا في الحرام، وأمَّا الحلال فنعمةٌ من الله على عبده، والله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده؛ فشُكره على نعمه،