
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
منَّته عليهم، وإحسانَه إليهم، وتخصيصَه لهم بفضله وكرامته.
وكذلك أولياؤه المتّقون، إذا شاهدوا أحوال أعدائه ومقته لهم، وغضبه عليهم، وخذلانه لهم، ازدادوا له (1) خضوعًا وذُلًّا وافتقارًا وانكسارًا، وبه استعانةً، وإليه إنابةً، وعليه توكُّلًا، وفيه رغبةً، ومنه رهبةً، وعلموا أنه (2) لا ملجأ لهم منه إلَّا إليه، وأنّهم لا يعيذهم من بأسه إلَّا هو، ولا ينجيهم من سخطه إلّا مرضاته، فالفضل بيده أوَّلًا وآخرًا.
وهذا (3) قطرةٌ من بحر حكمته المحيطِ (4) بخلقه وأمره، والبصيرُ يطالع ببصيرته ما وراءه، فيُطلعه على عجائب من حكمته لا تبلغها العبارة ولا تنالها الصِّفة.
وأمّا حظُّ العبد في (5) نفسه وما يخصُّه من شهود هذه الحكمة، فبحسب استعداده وقوّة بصيرته، وكمال علمه ومعرفته بالله وأسمائه وصفاته، ومعرفته بحقوق العبوديّة والرُّبوبيّة، وكلُّ مؤمنٍ له من ذلك شِربٌ معلوم ومقام لا يتعدّاه ولا يتخطّاه.
فصل
المشهد السادس: مشهد التوحيد، وهو أن يشهد انفراد الرّبِّ تعالى