
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
قال (1): (الدرجة الثانية: ترقُّب آفات النفس والعمل، ورؤية فضل كلِّ ذي فضلٍ عليك، وتنسُّم نسيم الفناء).
يريد انتظارَ ظهور نقائص نفسك وعملك وعيوبهما (2) لك، فإنَّه يجعل القلب خاشعًا لا محالة، لمطالعة عيوب نفسه وأعمالها (3) ونقائصها مِن الكبر والعجب، والرِّياء، وضعف الصِّدق وقلَّة اليقين، وتشتُّت النيَّة وعدم تجرُّد الباعث من هوًى نفساني، وعدمِ إيقاع العمل على الوجه الذي ترضاه لربِّك، وغيرِ ذلك من عيوب النفس ومفسدات الأعمال.
وأمَّا (رؤية فضل كلِّ ذي فضلٍ عليك)، فهو أن تراعي حقوق النَّاس فتؤدِّيها، ولا ترى أنَّ ما فعلوه معك من حقوقك عليهم فلا تعاوضهم عليها، فإنَّ هذا من رعونات النفس وحماقاتها. ولا تطالبهم بحقوق نفسك، وتعترف بفضل ذي الفضل منهم، وتنسى فضل نفسك.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة ــ قدّس الله روحه ــ يقول: العارف لا يرى له على أحدٍ حقًّا، ولا يشهد له على غيره فضلًا، فلذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب (4).