
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تُغرقه (1) وتُحيط (2) به فيذهب ضائعًا، ويكون حال صاحبه كالحال التي قال الله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266]. قال عمر - رضي الله عنه - للصحابة - رضي الله عنهم - يومًا: فيمن ترون هذه الآية نزلت؟ فقالوا: الله أعلم، فغضب عمر - رضي الله عنه - وقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: في نفسي منها شيءٌ يا أمير المؤمنين. قال: يا ابن أخي، قُل ولا تحقرنَّ نفسك. قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: ضربت مثلًا لعملٍ. قال عمر: أيُّ عملٍ؟ قال ابن عباس: لعملٍ. قال عمر: لرجلٍ غنيٍّ يعمل بطاعة الله، بعث (3) الله له الشيطان، فعمل بالمعاصي حتَّى أغرق (4) أعماله (5).
قال (6): (وإشفاقٌ على الخليقة لمعرفة معاذيرها).
هذا قد يوهم نوعَ تناقضٍ، فإنَّه كيف يُشفق مع معرفة العذر؟ وليس بمتناقضٍ، فإنَّ الإشفاق ــ كما تقدَّم ــ خوف مقرون برحمةٍ، فيشفق عليهم من