
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأعدائه، فأوجب (1) له ذلك المزيد من الأحوال.
ثمَّ بين القلب وبين الرّبِّ مسافة، وعليها قطَّاعٌ تمنع وصول العمل إليه، من كبرٍ وإعجابٍ وإدلالٍ، ورؤية العمل ونسيان المنَّة، وعللٍ خفيَّةٍ لو استقصى في طلبها لرأى العجب، ومن رحمة الله سَتْرُها على أكثر العُمَّال، إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشدُّ منها، من اليأس والقنوط، والاستحسار وترك العمل، وخمود العزم وفتور الهمَّة. ولهذا لمّا ظهرت «رعاية أبي عبد الله الحارث بن أسدٍ المحاسبيِّ» (2) واشتغل بها العبَّاد عطِّلت منهم مساجد كانوا يَعْمُرونها بالعبادة. والطّبيب الحاذق يعلم كيف يَطُبُّ النُّفوس، فلا يعمر قصرًا ويهدم مصرًا.
فصل
قال (3): (وإنّما يستقيم الرُّجوع إليه حالًا بثلاثة أشياء: بالإياس من عملك، وبمعاينة (4) اضطرارك، وشَيْم برقِ لطفه بك).
الإياس من العمل يفسَّر بشيئين: