
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الثوريُّ: قد كنت أكره موت الفَجأة (1) قبل اليوم، وأمَّا اليوم: فوددت أنِّي ميِّت. فقال له يوسف: ولِمَ؟ فقال: لِما أتخوَّف من الفتنة. فقال يوسف: لكنِّي لا أكره طول البقاء. فقال الثوريُّ: ولم تكره الموت؟ قال: لعلِّي أصادف يومًا أتوب فيه وأعمل صالحًا. فقيل لوهيبٍ: أيُّ شيءٍ تقول أنت؟ فقال: أنا لا أختار شيئًا، أَحَبُّ ذلك إليَّ أحبُّه إلى الله. فقبَّل الثوريُّ بين عينيه وقال: روحانيّةٌ وربِّ الكعبة! (2)
فهذا حال عبدٍ قد استوت عنده حالة البقاء والموت، ووقف مع اختيار الله له منهما (3).
الثاني والأربعون: أن يعلم أنَّ منع الله سبحانه لعبده المؤمن به المحبِّ له عطاءٌ، وابتلاءَه إيَّاه عافية. قال سفيان الثوريُّ: منع الله عطاءٌ، لأنَّه يمنع عن (4) غير بخلٍ ولا عدمٍ (5)، فمَنْعه اختيارٌ وحسن نظرٍ (6). وهذا كما قال (7)، فإنَّه