مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والرِّضا اسمٌ للوقوف الصادق حيثما وقف العبدَ، لا يلتمس متقدَّمًا ولا متأخَّرًا، ولا يستزيد مزيدًا، ولا يستبدل (1) حالًا. وهو من أوائل مسالك أهل الخصوص، وأشقِّها على العامَّة).
أمَّا قوله: (لم يدع في هذه الآية للمتسخِّط إليه سبيلًا) فلأنَّه قيَّد رجوعها إليه سبحانه بحالٍ، وهو وصف الرِّضا، فلا سبيل إلى الرُّجوع إليه مع سلب ذلك الوصف عنها. وهذا نظير قوله تعالى: {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]، فإنَّما أوجب لهم هذا السلام من الملائكة والبشارة بقيدٍ، وهو وفاتهم طيِّبين، فلم تُبق الآية لغير الطّيِّب سبيلًا لهذه (2) البشارة.
والحاصل: أن الدُّخول في الرِّضا شرطُ رجوع النفس (3) إلى ربِّها، فلا ترجع إليه إلا إذا كانت راضية.
قلت: هذا تعلُّقٌ بإشارة الآية لا بالمراد منها، فإنَّ المراد منها: رضاها بما حصل لها من كرامته ونالَتْه عند الرُّجوع إليه، فحصل لها رضاها والرِّضا عنها. وهذا يقال لها عند خروجها من دار الدُّنيا وقدومها على الله. قال عبد الله بن عَمْرٍو (4) - رضي الله عنهما -: «إذا توفِّي العبد المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل إليه بتحفةٍ من الجنَّة، فيقال: اخرُجي أيَّتها النفس المطمئنَّة،