مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمر المصاب بأنفع الأمور له وهو الصبر والاحتساب (1)، فإنَّ ذلك يخفِّف مصيبته ويوفِّر أجره، والجزع والسخط (2) والتشكِّي يزيد المصيبة ويُذهب الأجر (3).
فصل
الصبر في اللُّغة: الحبس والكفُّ. ومنه: قُتل فلان صبرًا، إذا أُمسك وحبس للقتل. ومنه قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28]، أي احبس نفسك معهم.
فالصبر: حبس النفس عن الجزع والتسخُّط، وحبس اللِّسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش.
وهو ثلاثة أنواعٍ: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على امتحان الله. فالأوَّلان: صبرٌ على ما يتعلَّق بالكسب، والثالث: صبرٌ على ما لا كسب للعبد فيه.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة ــ قدَّس الله روحه ــ يقول: وكان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز عن شأنها أكملَ من صبره على إلقاء إخوته له في الجُبِّ وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإنَّ هذه أمورٌ جرت عليه بغير