مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7098 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

فصل

فأمَّا مشهد الحيوانية وقضاء الشهوة، فمشهد الجهَّال الذين لا فرق بينهم وبين سائر الحيوان إلَّا في اعتدال القامة ونطق اللِّسان، ليس همُّهم (1) إلّا مجرَّد نيلِ الشَّهوة بأيِّ طريقٍ أفضت إليها، فهؤلاء نفوسهم نفوسٌ حيوانيَّةٌ لم تترقَّ عنها إلى درجة الإنسانيَّة فضلًا عن درجة الملائكة (2)، فهؤلاء حالهم أخسُّ من أن يُذكَر، وهم في أحوالهم متفاوتون بحسب تفاوت الحيوانات التي هم على أخلاقها وطباعها.

فمنهم مَن نفسه كلبيَّة: لو صادف جيفةً تُشبع ألفَ كلبٍ لوقع عليها وحَماها من سائر الكلاب ونبح كلَّ كلبٍ (3) يدنو منها، فلا تقربها الكلابُ إلَّا على كُرهٍ منه وغلبةٍ، ولا يسمح لكلبٍ بشيءٍ منها؛ وهمُّه شبع بطنه من أي طعامٍ اتَّفق: ميتةٍ أو ذكيٍّ (4)، خبيثٍ أو طيِّبٍ، ولا يستحيي من قبيحٍ؛ إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، إن أطعمتَه بصبص بذَنَبه ودار حولك، وإن منعته هرَّك ونبحك.

ومنهم من نفسه حماريَّة: لم يُخلَق إلَّا للكدِّ والعلف، كلّما زيد في (5) علفه زيد في كدِّه، أبكم الحيوان وأقلُّه بصيرةً، ولهذا مثَّل الله سبحانه به من

الصفحة

4/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !