
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
واستوت الحالات في أخذها وتركها عنده لم يَرَ أنَّه اكتسب بتركها عند الله درجةً البتَّة، لأنها أصغر في عينه من أن يرى أنَّه اكتسب بتركها الدرجات.
وفيه معنًى آخر: وهو أن يشاهد تفرُّد الله عز وجل بالعطاء والمنع، فلا يرى أنه ترك شيئًا ولا أخذ شيئًا، بل اللهُ وحده هو المعطي المانع، فما أخذه فهو مَجرًى لعطاء الله إيَّاه كمجرى الماء في النهر، وما تركه لله فاللهُ هو الذي منعه منه، فيذهب بمشاهدة الفعَّال وحده عن شهود كسبه وتركه، فإذا نظر الأشياء بعين الجمع وسلك في وادي الحقيقة غاب عن شهود اكتسابه، وهو معنى قوله: (ناظرًا إلى وادي الحقائق). وهذا أليق المعنيين بكلامه.
فهذا زهد الخاصَّة. قال الشاعر (1):
إذا زهَّدَتْني في الهوى خشية الرَّدى ... جَلَتْ ليَ عن وجهٍ يزهِّد في الزُّهد
* * * *