مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عنه البصر أو طغى، أو سبق به القلم، والله أعلم.
وفي أولها نص وقفية للكتاب من قبل ناسخه على طلبة العلم من أهل المَجْمَعة، وجعل النظارة عليه له في حياته ولذريته بعد وفاته، وأشْهَد عليه شاهدين، وكتب الوقفية عبدالعزيز بن عثمان بن ركبان سنة 1323 هـ.
وفي آخرها ترجمة مختصرة للمؤلف في عدة أسطر، ثم خمسة أبيات في الثناء على الصالحين منسوبة لبعض أهل العلم.
وهذه النسخة جيدة في الجملة، وتمتاز ببعض الزيادات في مواضع متعددة كلمة أو كلمتين، وقد تصل سطرًا في أحيان قليلة، وكان تعاملنا مع هذه الزيادات بحسب ما يقتضيه النص، فالزيادة اللازمة أضيفت في مكانها، والتي لم نثبتها في المتن نبهنا عليها في الهامش ما دام النص لا يختل بدونها.
وهناك نسخ أخرى متأخرة للكتاب كتبت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، فلم نعتمد عليها، وبعضها ليس عليها تاريخ النسخ ولكنها بخط حديث. ولا فائدة من الإشارة إلى هذه النسخ، وإنما نذكر هنا بعض النسخ القديمة التي سعينا للحصول عليها ولم نفلح في ذلك، ولعلنا نتمكن من الاستفادة منها في المستقبل إن شاء الله:
1 - المكتبة الوطنية بفينا [1547 Mixt] (308 ورقة، كتبت سنة 779. تحتوي على النصف الأول من الكتاب).
2 - الإسكوريال [716] (الجزء الأول، 284 ورقة، ليس عليها تاريخ النسخ).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ (1)
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ المرسلين، وقيُّومُ السّماوات والأرضين. وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين، الفارقِ بين الهدى والضَّلال، والغيِّ والرَّشاد، والشَّكِّ واليقين. أنزله لنقرأه تدبُّرًا، ونتأمّلَه تبصُّرًا، ونسعدَ به تذكُّرًا؛ ونحملَه على أحسن وجوهه ومعانيه، ونصدِّقَ أخباره ونجتهدَ على إقامة أوامره ونواهيه، ونجتنيَ ثمارَ علومه النّافعة الموصِلة إلى الله سبحانه من أشجاره، ورياحينَ الحِكَم من بين رياضه وأزهاره.
فهو كتابُه الدَّالُّ لمن أراد معرفته، وطريقُه المُوصِلةُ لسالكها إليه، ونورُه المبينُ الذي أشرقت له الظُّلمات، ورحمتُه المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسَّببُ الواصلُ بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدُّخول، فلا يُغلَق إذا غلِّقت الأبواب.
وهو الصِّراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذِّكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُّزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء. لا تفنى عجائبه، ولا تُقلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالته (2). كلّما ازدادت