
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فصل
المرتبة الرّابعة: مرتبة المحدَّث (1).
وهذه دون مرتبة الوحي الخاصِّ، فتكون (2) للصدِّيقين، كما كانت لعمر بن الخطّاب - رضي الله عنه -، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّه قد (3) كان في الأمم قبلكم محدَّثون، فإن يكن في هذه الأمّة أحدٌ فعمر بن الخطّاب" (4) - رضي الله عنه -.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة (5) - رضي الله عنه - يقول: جزَم بأنّهم كائنون في الأمم قبلنا، وعلَّق وجودَهم في هذه الأمّة بـ "إنْ" الشّرطيّة، مع أنّها أفضل الأمم؛ لاحتياجِ الأمم قبلنا إليهم، واستغناءِ هذه الأمّة عنهم لكمالِ نبوَّةِ نبيِّها ورسالته، فلم يُحوِج الله الأمّةَ بعده إلى محدَّثٍ ولا ملهَمٍ، ولا صاحبِ كشفٍ ولا إلى منامٍ. فهذا التّعليق لكمال الأمّة واستغنائها، لا لنقصها.
والمحدَّث: هو الذي يحدَّث في سرِّه وقلبه بالشَّيء، فيكون كما يحدَّث به.
قال شيخنا - رضي الله عنه -: والصِّدِّيقُ كان (6) أكملَ من المحدَّث، لأنّه استغنى بكمال صدِّيقيّته ومتابعته عن التّحديث والإلهام والكشف، فإنّه قد سلَّم