مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

7528 10

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

في دين الله، فهو أعمُّ من الشِّرك، والشِّركُ فردٌ من أفراده.

ولهذا كان الكذبُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موجبًا لدخول النَّار واتِّخاذ منزلةٍ منها مبوَّأَه ــ وهو المنزلُ اللَّازم الذي لا يفارقه صاحبُه ــ لأنّه متضمِّنٌ للقول على الله بلا علمٍ، بل صريحُ الكذب عليه؛ لأنَّ ما يضاف إلى الرَّسول فهو مضافٌ إلى المرسِل، والقولُ على الله بلا علمٍ صريحُ افتراءِ الكذبِ عليه. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الأنعام: 21].

فذنوبُ أهل البدع كلُّها داخلةٌ تحت هذا الجنس، فلا تتحقَّق التَّوبةُ منه إلّا بالتَّوبة من البدع. وأنّى بالتَّوبة منها لمن لم يعلم أنّها بدعةٌ، أو يظنُّها سنّةً فهو يدعو إليها ويحضُّ عليها؟ فلا ينكشف لهذا ذنوبُه التي تجبُ عليه التَّوبةُ منها إلّا بتضلُّعه من السُّنَّة، وكثرةِ الاطِّلاعِ عليها، ودوامِ البحث عنها والتَّفتيشِ عليها، ولا ترى صاحبَ بدعةٍ كذلك أبدًا.

فإنَّ السُّنّةَ بالذَّات تمحقُ البدعة، ولا تقوم لها (1). فإذا طلعت شمسُها في قلب العبد قطَعت من قلبه ضَبابَ كلِّ بدعةٍ، وأزالت ظلمةَ كلِّ ضلالةٍ، إذ لا سلطانَ للظُّلمة مع سلطان الشَّمس. ولا يُري العبدَ الفرقَ بين السُّنَّة والبدعة ويعينُه على الخروج من ظُلَمِها إلى نور السُّنّة إلّا تجريدُ المتابعة، والهجرةُ بقلبه كلَّ وقتٍ إلى الله بالاستعانةِ والإخلاصِ وصدقِ اللَّجإ، وإلى رسوله بالحرص على الوصول إلى أقواله وأعماله وهديه وسنَّته. "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله" (2)، ومن هاجر إلى

الصفحة

574/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !