
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فصل
في مراتب الهداية الخاصّة والعامّة
وهي عشر مراتب:
المرتبة الأولى: مرتبة تكليم الله تعالى لعبده يقظةً بلا واسطةٍ، بل منه إليه. وهذه أعلى مراتبها، كما كلَّم موسى بن عمران صلوات الله وسلامه على نبيِّنا وعليه. قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. فذكر في أوّل الآية وحيه إلى نوحٍ والنّبيِّين من بعده، ثمّ خصَّ موسى من بينهم بالإخبار بأنّه كلَّمه. وهذا يدلُّ على أنَّ التّكليم الذي حصل له أخصُّ من مطلق الوحي الذي ذُكِر في أوّل الآية. ثمّ أكَّده بالمصدر الحقيقيِّ الذي هو مصدر كلَّمَ ــ وهو التّكليم ــ رفعًا لما توهَّمه المعطِّلة والجهميّة والمعتزلة وغيرهم من أنّه إلهامٌ أو إشارةٌ أو تعريفٌ للمعنى النَّفسيِّ بشيءٍ غير التّكليم، فأكَّده بالمصدر المفيد تحقيقَ النِّسبة ورفعَ توهُّم المجاز (1). قال الفرّاء: العرب تُسمِّي ما يُوصَل إلى الإنسان كلامًا بأيِّ طريقٍ وصل، ولكن لا تحقِّقه بالمصدر، فإذا حُقِّقَ بالمصدر لم يكن إلّا حقيقة الكلام، كالإرادة، يقال: فلانٌ أراد إرادةً، يريدون حقيقة الإرادة. ويقال: أراد الجدار، ولا يقال: إرادةً، لأنّه مجازٌ غير حقيقةٍ (2). هذا كلامه.