مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

13397 17

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

يُنفقوه. كم ذكَّرهم الله بنِعَمه فأعرضوا عن ذكره ونسوه! وكم كشَفَ حالهم لعباده المؤمنين ليجتنبوه! فاسمعوا أيُّها المؤمنون: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67].

إن حاكمتَهم إلى صريح الوحي وجدتَهم عنه نافرين، وإن دعوتَهم إلى حكم كتاب الله وسنّة رسوله رأيتهم عنه مُعرضين. فلو شهدت حقائقَهم لرأيتَ بينها وبين الهدى أمدًا بعيدًا، ورأيتَها معرضةً عن الوحي إعراضًا شديدًا، {قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)} [النساء: 61].

فكيف لهم بالفلاح والهدى بعدما أصيبوا في عقولهم وأديانهم! وأنّى لهم التّخلُّصُ من الضَّلال والرَّدى وقد اشتروا الكفرَ بإيمانهم! فما أخسَر تجارتَهم البائرة وقد اشتروا بالرَّحيق المختوم حريقًا! {إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)} [النساء: 62].

نشِبَ زَقُّومُ الشُّبَه والشُّكوك في قلوبهم، فلا يجدون لها مُسيغًا (1)، {الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)} [النساء: 63].

تبًّا لهم، ما أبعدهم عن حقيقة الإيمان! وما أكذَب دعواهم للتَّحقيق والعرفان! فالقومُ في شأنٍ، وأتباعُ الرَّسول في شأنٍ! ولقد أقسم الله جلَّ جلالُه

الصفحة

543/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !