
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
جعَل (1) ينوء بصدره وهو يعالج سكَراتِ الموت (2) = فهذا أمرٌ آخر، وإيمانٌ آخر. ولا جرَمَ أُلْحِقَ بالقرية الصَّالحة، وجُعِلَ من أهلها.
وقريبٌ من هذا ما قام بقلب البغيِّ التي رأت ذلك الكلبَ، وقد اشتدَّ به العطَشُ (3) يأكل الثَّرى، فقام بقلبها ذلك الوقتَ ــ مع عدم الآلة، وعدم المُعين وعدم مَن تُرائيه بفعلها ــ ما حملها على أن غرَّرت بنفسها في نزول البئر ومَلْءِ الماء في خفِّها ــ ولم تعبأ بتعرُّضه للتَّلَف ــ وحملِها له بفيها وهو ملآنُ، حتّى أمكنها الرُّقيُّ في البئر، ثمَّ تواضُعِها لهذا المخلوق الذي جرت عادة النّاس بضربه وطرده، فأمسكت له الخفَّ بيدها حتّى شربَ، من غير أن ترجو منه جزاءً ولا شكورًا (4). فأحرقت أنوارُ هذا القدر من التّوحيد (5) ما تقدَّم منها من البغاء، فغُفِر لها.