
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
تتفاضَلُ بتفاضُلِ ما في القلوب. فتكون صورةُ العمَلَين واحدةً، وبينهما في التّفاضل كما بين السَّماء والأرض. والرَّجلان يكون مقامُهما في الصَّفِّ واحدًا، وبين صلاتيهما كما بين السَّماء والأرض.
وتأمَّلْ حديثَ البطاقة (1) التي تُوضَع في كِفَّةٍ، ويقابلها تسعةٌ وتسعون سجلًّا، كلُّ سجلٍّ منها مدَّ البصر، فتثقُل البطاقةُ، وتطيش السِّجلّات، فلا يعذَّب. ومعلومٌ أنَّ كلَّ موحِّدٍ فله مثلُ هذه البطاقة، وكثيرٌ منهم يدخل النَّارَ بذنوبه، ولكنَّ السِّرَّ الذي ثقَّل بطاقةَ ذلك الرَّجل وطاشت لأجله السِّجلَّاتُ، لمَّا لم يحصُل لغيره من أرباب البطاقات انفردت بطاقتُه بالثِّقل والرَّزانة.
وإذا أردتَ زيادة إيضاحٍ لهذا، فانظُر إلى ذكر مَن قلبُه ملآنُ بمحبّتك، وذكرِ مَن هو معرضٌ عنك، غافلٌ ساهٍ، مشغولٌ بغيرك، قد انجذبت دواعي قلبه إلى محبَّة غيرك وإيثاره عليك، هل يكون ذكرهما لك واحدًا؟ أم هل يكون ولداك اللَّذان هما بهذه المثابة، أو عبداك، أو زوجتاك= عندك سواءً؟
وتأمَّلْ ما قام بقلب قاتلِ المائة من حقائق الإيمان التي لم تشغله عند السِّياق عن السَّير إلى القرية، وحَمَلتْه ــ وهو في تلك الحال ــ على أن