
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
خسرانًا وعقابًا يعقبُه إمَّا (1) عفوٌ ودخولُ الجنّة، وإمّا نقصُ درجةٍ، وإمّا خمودُ مصباح الإيمان. وعملُ التوبة في رفع هذه الآثار والتَّكفير، وعملُ المطيع في الزِّيادة ورفعة الدّرجات.
ولهذا كان قيامُ اللَّيل نافلةً للنّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصّةً فإنَّه يعمل في زيادة الدَّرجات، وغيرُه يعمل في التكفير، وأين هذا من هذا؟
العاشر: أنَّ المقبلَ على الله له سيرٌ (2) بجملة أعماله، وكلَّما ازدادت (3) طاعاتُه وأعمالُه ازداد كسبُه بها وعظُمَ. وهو بمنزلة من سافر (4)، فكسب عشرةَ أضعاف رأس ماله، فسافر ثانيًا برأسِ ماله الأوّل وكسبِه، فكسَب عشرةَ أضعافه أيضًا، فسافر ثالثًا أيضًا بهذا المال كلِّه، وكان ربحُه كذلك، وهلمَّ جرًّا. فإذا فتَر عن السَّفر في آخر أمره مرّةً واحدةً فاته من الرِّبح بقدر جميع ما ربح أو أكثرَ منه. وهذا معنى قول بعض العارفين (5): لو أقبل عبدٌ على الله كذا وكذا سنةً ثمّ أعرض عنه لحظةً واحدةً كان ما فاته أكثرَ ممَّا حصل له (6). وهو صحيحٌ بهذا المعنى، فإنّه قد فاته في مدّة الإعراض ربحُ تلك الأعمال