مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
لكونه (1) قبيحًا في نفسه، بل لكونه خلاف ما أخبر به، ومعلومٌ أنّ هذا ليس وجه الكلام.
وكذلك قوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (2) [ص: 27]. والباطل الذي ظنُّوه ليس هو الجمعَ بين النَّقيضين، بل الذي ظنُّوه أنّه لا شرع ولا جزاء، ولا أمر ولا نهي، ولا ثواب ولا عقاب؛ فأخبر أنّ خَلْقَها لغير ذلك هو الباطلُ الذي تنزَّه عنه، وذلك هو الحقُّ الذي خُلِقت به، وهو التّوحيد، وحقُّه وجزاؤه وجزاءُ مَن جحده وأشرك بربِّه.
وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21]. فأنكر سبحانه هذا الحسبانَ إنكار منبِّهٍ للعقل على قبحه، وأنّه حكمٌ سيِّئٌ، فالحاكمُ به مسيءٌ ظالمٌ. ولو كان إنما قبُح لكونه خلافَ ما أخبر به لم يكن الإنكار لما اشتمل عليه من القبح اللّازم من التَّسوية بين المحسن والمسيء، المستقرِّ قبحُه في فِطَرِ العالمين كلِّهم، ولا كان هناك حكمًا سيِّئًا (3) في نفسه (4) يُنكَر على من حكم به.
وكذلك قوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ