مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
النّائم وزائل العقل، لا يُعتدُّ بها. ولم يُبعِد هذا القائل.
فالحقُّ تعالى (1) مرادُه من عبده: استحضارُ عبوديّته، لا الغَيبةُ عنها. والعاملُ على الغَيبة عنها عاملٌ على مراده من الله وعلى حظِّه والتّنعُّمِ بالفناء في شهوده، لا على مراد الله منه. وبينهما ما بينهما! فكيف يكون قائمًا بحقيقة العبوديّة من يقول: "إيّاك نعبد"، ولا شعور له بعبوديّته البتّة، بل حقيقةِ "إيّاك نعبد" علمًا ومعرفةً وقصدًا وإرادةً وعملًا! وهذا مستحيلٌ في وادي الفناء، ومن له ذوقٌ يعرف هذا وهذا.
قوله: (وفَناءُ العِيان في المعايَن، وهو الفَناء جحدًا).
لمّا كان ما قبل هذا فناء العلم في المعلوم، والمعرفة في المعروف، والعيانُ فوق العلم والمعرفة، إذ نسبتُه إلى العلم كنسبة المرئيِّ إليه= كان الفناءُ في هذه المرتبة فناءَ عيانه في معاينه، ومحوَ أثره، واضمحلالَ رسمه.
قوله: (وفَناءُ الطّلب في الموجود (2)، وهو الفناء حقًّا).
يريد: أنّه لا يبقى لصاحب هذا العيان طلبٌ، لأنّه قد ظفر بموجوده ومطلوبه، وطلبُ الموجود (3) محالٌ، لأنّه إنّما يُطلَب المفقودُ عن العيان لا