مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

6196 7

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

فالتّوبة هي نهايةُ كلِّ سالكٍ وكلِّ وليٍّ لله، وهي الغاية التي يجري إليها العارفون بالله وعبوديّته وما ينبغي له. قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 72 - 73]، فجعل سبحانه التّوبةَ غايةَ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ.

وكذلك الصَّبر فإنّه لا ينفكُّ عنه في مقامٍ من المقامات.

وإنّما هذا التّرتيبُ ترتيبٌ للمشروط المتوقِّفِ على شرطه المصاحبِ له. مثال ذلك: أنّ الرِّضا مترتِّبٌ على الصّبر، لتوقُّفِ الرِّضا عليه واستحالةِ ثبوته بدونه. فإذا قيل: إنَّ مقامَ الرِّضا ــ أو حالَه على الخلاف بينهم هل هو مقامٌ أو حالٌ؟ (1) ــ بعد مقام الصّبر، لا يُعْنَى به أنّه يفارق الصّبرَ، وينتقل إلى الرِّضا. وإنّما يُعْنَى أنّه لا يحصل له مقام الرِّضا حتّى يتقدَّم له قبله مقامُ الصَّبر. فافهم هذا التّرتيب في مقامات العبوديّة.

وإذا كان كذلك علمتَ أنَّ القصدَ والعزمَ متقدِّمٌ على سائر المنازل، فلا وجه لتأخيره. وعلمتَ بذلك أنَّ المحاسبةَ متقدِّمةٌ على التّوبة بالرُّتبة أيضًا، فإنّه إذا حاسب نفسَه خرج ممَّا عليه، وهي حقيقة التّوبة؛ وأنَّ منزلةَ التّوكُّل قبل منزلة الإنابة، لأنّه يتوكَّل في حصولها، فالتّوكُّل وسيلةٌ، والإنابة غايةٌ؛ وأنَّ مقامَ التَّوحيد أولى المقامات أن يبدأ به، كما هو أوَّلُ دعوة الرُّسل كلِّهم، وقال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبلٍ: "فليكن أوّلَ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إله

الصفحة

206/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !