
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
العادة. ويتّفق تجرُّدُ الرُّوح، فتَشَكَّلُ (1) تلك المعاني للقوّة السّامعة بشكل الأصوات المسموعة، وللقوّة الباصرة بشكل الأشخاص المرئيّة. فيرى (2) صورها، ويسمع الخطاب، وكلُّه في نفسه، ليس في الخارج منه شيءٌ. ويحلف أنّه رأى وسمع؛ وصدَق، لكن رأى وسمع في الخارج، أو في نفسه؟ ويتّفق ضعفُ التّمييز، وقلّةُ العلم، واستيلاءُ تلك المعاني على الرُّوح، وتجرُّدُها عن الشّواغل.
فهذه الوجوه الثّلاثة هي وجوه الخطاب، فلا يُسمَعُ غيرها, فإنّما هو (3) غرورٌ وخدعٌ وتلبيسٌ. وهذا الموضع مقطع القوم (4)، وهو من أجلِّ المواضع لمن حقَّقه وفَهِمَه. والله الموفِّق للصّواب.
فصل
قال (5): "الدرجة الثانية: إلهامٌ يقع عيانًا. وعلامة صحّته أنّه لا يخرِق سِترًا، ولا يجاوز حدًّا، ولا يخطئ أبدًا".
الفرق بين هذا وبين الإلهام في الدّرجة الأولى: أنّ ذلك علمٌ شبيهٌ بالضّروريِّ الذي لا يمكن دفعه عن القلب، وهذا معاينةٌ ومكاشفةٌ. فهو (6)