مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10256 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وأنّه قد حيل بينه وبين مقصده الذي يؤمُّه. فبينا هو على ذلك تتقاذف به الظُّنونُ، إذ وقف على رأسه والده الشَّفيقُ القادرُ، فحلَّ كِتافَه وقيودَه، وقال: اركب الطَّريقَ، واحذر هذا العدوَّ، فإنَّه على منازل الطَّريق بالمرصاد. واعلم أنّك ما دمتَ حاذرًا له متيقِّظًا لا يقدر عليك، فإذا غفلتَ وثَب عليك، وأنا متقدِّمك إلى المنزلة وفرَطٌ لك، فاتَّبِعني على الأثر.

فإن كان هذا السّائرُ كيِّسًا فَطِنًا لبيبًا حاضر الذِّهن والعقل، استقبل سيرَه استقبالًا آخرَ (1)، واشتدَّ حذرُه، وتأهَّب لهذا العدوِّ، وأعدَّ له عُدَّتَه، فكان سيرُه الثّاني أقوى من الأوّل وخيرًا منه، ووصوله إلى المنزل أسرعَ. وإن غفَل عن عدوِّه وعاد إلى مثل حاله الأولى من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ ولا قوَّةِ حذرٍ واستعدادٍ عاد كما كان، وهو معرَّضٌ لما عرَض له أولًا. وإن أورثه ذلك توانيًا في سَيره وفتورًا، وتذكُّرًا لطِيب مقيله وحُسنِ ذلك الرَّوض وعذوبة مائه وتفيُّؤ ظلاله، وسكونًا بقلبه إليه= لم يعُدْ إلى مثل سَيره ونقَص عمَّا كان.

المثلُ الثَّاني: عبدٌ في صحَّةٍ وعافية جسمٍ، عرَضَ له مرضٌ أوجب له حِمْيةً وشربَ دواءٍ وتحفُّظًا من التَّخليط، ونفَضَ (2) بذلك عنه مادّةً رديَّةً كانت مُنقِصةً لكمال قوّته وصحَّته، فعاد بعد المرض أقوى ممَّا كان قبله (3):

لعلَّ عتبَك محمودٌ عواقبه ... وربَّما صحَّت الأجسامُ بالعِلَلِ (4)

الصفحة

454/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !