مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10231 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

خاصّةٌ بحسب حفظه وقتَه مع الله. فإن (1) كان مع الله كان الله معه. فإذا أضاع وقتَه كدَّر عينَ هذه المعيَّة الخاصَّة، وتعرَّض لقطع هذه الصُّحبة. فلا شيءَ أضرُّ على العارف بالله من إضاعة وقته مع الله، ويُخشى عليه إن لم يتداركه بالرُّجوع أن تستمرَّ الإضاعةُ إلى يوم اللِّقاء، فتكون حسرتُه وندامتُه أعظمَ من حسرة غيره وندامته (2)، وحجابُه عن الله أشدَّ من حجاب سواه، ويكون حالُه شبيهًا بحال قومٍ يؤمر بهم إلى الجنّة، حتّى إذا عاينوها وشاهدوا ما فيها صُرفت وجوهُهم عنها إلى النّار. فإذن توبةُ الخواصِّ من تضييع أوقاتهم مع الله التي تدعو إلى هذه الأمور.

فصل

وفوق هذا مقامٌ آخر من التّوبة أرفَعُ منه وأخصُّ، لا يعرفه إلّا خواصُّ المحبِّين، الذين يستقلُّون في حقِّ محبوبهم جميعَ أعمالهم وأحوالهم وأقوالهم، فلا يرونها قطُّ إلّا بعين النَّقص والإزراء عليها، ويرون شأنَ محبوبهم أعظمَ وقدرَه أعلى من أن يرضَوا نفوسَهم وأعمالَهم له، فهم أشدُّ شيءٍ احتقارًا لها وإزراءً بها. وإذا غفلوا عن مراد محبوبهم منهم (3) ولم يوفُّوه حقَّه تابوا إليه من ذلك توبةَ أرباب الكبائر منها. فالتّوبةُ لا تفارقهم أبدًا، وتوبتُهم لونٌ، وتوبةُ غيرهم لونٌ (4) وكلَّما ازدادوا حبًّا له ازدادوا معرفةً بحقِّه وشهودًا لتقصيرهم، فعظمت لذلك توبتُهم. ولذلك كان خوفُهم أشدَّ،

الصفحة

416/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !