
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
نعم، كيف لا يطرُد مَن هذه معاملتُه! وكيف لا يُبْعِد عنه مَن هذا وصفُه! وكيف يجعل مِن خاصَّتِه وأهلِ قربه مَن حالُه معه هكذا (1).
أمره بشكره، لا لحاجته إليه، ولكن لينال به المزيدَ من فضله، فجعل كُفْرَ نعَمِه والاستعانةَ بها على مساخطه من أكبر أسباب صَرْفِها عنه!
وأمرَه بذكره ليذكره بإحسانه، فجعَلَ نسيانَه سببًا لنسيان الله له (2)، {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67].
أمَره بسؤاله ليعطيه، فلم يسأله! بل أعطاه أجلَّ العطاء بلا سؤالٍ، فلم يقبل!
يشكو مَن يرحمه إلى مَن لا يرحمه، ويتظلَّم ممَّن (3) لا يظلمه، ويدَعُ من يعاديه ويظلمه!
إن أنعَم عليه بالصِّحّة والعافية والمال والجاه استعان بنعمه على معاصيه، وإن سلَبه ذلك ظلَّ متسخِّطًا على ربِّه وهو شاكيه!
لا يصلح له (4) على عافيةٍ، ولا على ابتلاءٍ: العافيةُ تلقيه إلى مساخطه،