مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

5476 6

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وكذلك تأخيرُ الصَّحابة - رضي الله عنهم - العصرَ يومَ بني قريظة، فإنَّه كان تأخيرًا مأمورًا به عند طائفةٍ من أهل العلم كأهل الظَّاهر، أو تأخيرًا سائغًا للتّأويل عند بعضهم. ولهذا لم يعنِّف النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من صلَّاها في الطَّريق في وقتها، ولا من أخَّرها إلى اللَّيل حتّى صلَّاها في بني قريظة، لأنَّ هؤلاء تمسَّكوا بظاهر الأمر، وأولئك نظروا إلى المعنى والمراد منهم وهو سرعةُ السَّير.

واختلف علماء الإسلام في تصويب أيِّ الطَّائفتين (1).

فقالت فرقةٌ: لو كنَّا مع القوم لصلَّينا في الطَّريق مع الذين فهموا المراد وعقلوا مقصود الأمر، فجمعوا بين إيقاع الصَّلاة في وقتها وبين المبادرة إلى العدوِّ، ولم يفُتهم مشهدُهم، إذ المقدارُ الذي سبقهم به أولئك لحقوهم به لمَّا اشتغلوا بالصَّلاة وقتَ النُّزول (2). قالوا: فهؤلاء أفقه الطَّائفتين، جمعوا بين الامتثال والاجتهاد والمبادرة (3) إلى الجهاد مع فقه النَّفس.

وقالت طائفةٌ: لو كنَّا معهم لأخَّرنا الصَّلاةَ مع الذين أخَّروها إلى بني قريظة، وهم الذين أصابوا حكمَ الله قطعًا. وكان هذا التَّأخيرُ واجبًا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، فهو الطَّاعةُ لله ذلك اليومَ خاصَّةً. واللهُ يأمر بما يشاء، فأمرُه بالتَّأخير في وجوب الطَّاعة كأمره بالتَّقديم؛ فهؤلاء كانوا أسعدَ بالنَّصِّ، وهم الذين فازوا بالأجرين. وإنّما لم يُعنِّف الآخَرين لأجل التّأويل والاجتهاد،

الصفحة

590/ 610

مرحبًا بك !
مرحبا بك !