
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الصِّفة، وتعبُّدًا بمقتضاها. وذلك أكملُ في العبوديّة والمعرفة والمحبّة (1).
ومنها: أن يكمِّل لعبده مراتبَ الذُّلِّ والخضوع والانكسار بين يديه، والافتقار إليه، فإنَّ النَّفسَ فيها مضاهاةُ الرُّبوبيَّة، ولو قدرَتْ لقالت كقول فرعون، ولكنَّه قدَر فأظهرَ، وغيرُه عجَز فأضمَر. وإنّما يُخلِّصها من هذه المضاهاة ذلُّ العبوديّة، وهو (2) أربع مراتب:
المرتبة الأولى مشتركةٌ بين الخلق، وهي: ذلُّ الحاجة والفقر إلى الله تعالى. فأهلُ السَّماوات والأرض محتاجون إليه فقراءُ إليه، وهو وحده الغنيُّ. وكلُّ أهل السّماوات والأرض يسألونه، وهو لا يسأل أحدًا.
المرتبة الثّانية: ذلُّ الطّاعة والعبوديّة، وهو ذلُّ الاختيار، وهذا خاصٌّ بأهل طاعته، وهو سرُّ العبوديّة.
المرتبة الثّالثة: ذلُّ المحبَّة، فإنَّ المحبَّ ذليلٌ بالذّات لمحبوبه، وعلى قدر محبّته له يكون ذلُّه له، فالمحبّةُ أسِّست على الذِّلّة للمحبوب، كما قيل:
اخضَعْ وذِلَّ لمن تحبُّ فليس في ... حُكمِ الهوى أنفٌ يُشالُ ويُعقَدُ (3)
وقال آخر: