
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ومن هاهنا قال من قال من النُّحاة: إنّ "إيّا" اسمٌ ظاهرٌ مضافٌ إلى الضّمير المتّصل (1)، ولم يُردَّ عليه بردٍّ شافٍ. ولولا أنّا في شأنٍ وراء هذا لأشبعنا الكلام في هذه المسألة، وذكرنا مذاهب النُّحاة فيها، ونصرنا الرّاجح. ولعلَّ أن نعطِفَ على ذلك بعون الله.
وفي إعادة "إيّاك" مرّةً أخرى دلالةٌ على تعلُّق هذه الأمور بكلِّ واحدٍ من الفعلين، ففي إعادة الضّمير من قوّة الاقتضاء لذلك ما ليس في حذفه. فإذا قلت لملكٍ مثلًا: إيّاك أحبُّ، وإيّاك أخاف، كان فيه من اختصاص الحبِّ والخوف بذاته والاهتمام بذكره ما ليس في قولك: إيّاك أحبُّ وأخاف.
فصل
إذا عُرِف هذا، فالنّاس في هذين الأصلين ــ وهما العبادة والاستعانة ــ أربعة أقسامٍ:
أجلُّها وأفضلها: أهل العبادة والاستعانة بالله عليها، فعبادة الله غاية مرادهم، وطلبُهم منه أن يعينهم عليها ويوفِّقهم للقيام بها. ولهذا كان من أفضل ما يُسأل الرّبُّ تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته. وهو الذي علَّمه النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لحِبِّه معاذ بن جبلٍ، فقال: "يا معاذ، والله إنِّي أحبُّك (2)، فلا تنسَ أن تقول في دبر كلِّ صلاةٍ: اللهمّ أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" (3).