مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10247 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

والإنابة والإخبات والخشية والتّذلُّل والخضوع إلّا له.

وهاهنا افترق النّاس، وصاروا فريقين: فريقًا مشركين في السّعير، وفريقًا موحِّدين في الجنّة. فافترقوا بصفة إلهيته (1)، فهي التي فرَّقتهم، كما أنّ الرُّبوبيّة هي التي جمعتهم.

فالدِّين والشّرع والأمر والنّهي: مظهره وقيامه من صفة الإلهيّة. والخلق والإيجاد والتّدبير والفعل من صفة الرُّبوبيّة. والجزاء بالثّواب والعقاب والجنّة والنّار من صفة المُلك. فهو ملك يوم الدِّين، فأمَرهم بإلهيَّته، وأعانهم ووفّقهم وهداهم وأضلّهم بربوبيّته، وأثابهم وعاقبهم بمُلكه وعدله. وكلُّ واحد من هذه الأمور لا ينفكُّ عن الآخَرَين.

وأمّا الرّحمة، فهي التّعلُّق والسَّبب الذي بين الله وبين عباده. فالتّألُّه منهم له، والرُّبوبيّة منه لهم، والرّحمة سببٌ واصلٌ بينه وبين عباده، بها أرسل إليهم رسلَه، وأنزل عليهم كتبَه، وبها هداهم، وبها أسكنهم دار ثوابه، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم. فبينهم وبينه سببُ العبوديّة، وبينه وبينهم (2) سببُ الرّحمة.

واقترانُ ربوبيّته برحمته كاقتران استوائه على عرشه برحمته. فـ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] مطابقٌ لقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2 - 3]، فإنّ شمول الرُّبوبيّة وسعتها بحيث لا يخرج شيءٌ

الصفحة

53/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !