
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
صفات (1) إله الجهميّة التي عاب بها الأصنام (2)، نسبوها (3) إليه، تعالى عمّا يقول الظّالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا!
فقال تعالى حكايةً عن خليله إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسّلام في محاجَّته لأبيه: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: 42]. فلو كان إله إبراهيم بهذه المثابة لقال له آزر: وأنت إلهك بهذه المثابة، فكيف تنكر عليّ! لكن كان مع شركه أعرف بالله من الجهميّة. وكذلك كفّار قريشٍ كانوا مع شركهم مقرِّين بصفات الصّانع سبحانه وعلوِّه على خلقه.
وقال (4) تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف: 148]. فلو كان إله الخلق سبحانه وتعالى كذلك لم يكن في هذا الإنكارُ عليهم، ولا الاستدلالُ على بطلان إلهيته بذلك (5).
فإن قيل: فالله تعالى لا يكلِّم عباده.
قيل: بلى، قد كلَّمهم. فمنهم من كلَّمه من وراء حجابٍ، منه إليه بلا واسطةٍ كموسى عليه السلام. ومنهم من كلَّمه على لسان رسوله الملكيِّ،