مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

7201 9

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وبغيًا بمنزلة كونِ الشِّرك شركًا، فهو شركٌ في نفسه قبل النَّهي وبعدَه. فمن قال: إنّ الفاحشة والقبائح والآثام إنّما صارت كذلك بعد النّهي، فهو بمنزلة قائلٍ يقول: الشِّركُ إنّما صار شركًا بعد النَّهي، وليس شركًا قبل ذلك. ومعلومٌ أنّ هذا وهذا مكابرةٌ صريحةٌ للعقل والفطرة. فالظُّلم ظلمٌ في نفسه قبل النَّهي وبعده، والقبيحُ قبيحٌ في نفسه قبل النَّهي وبعده، والفاحشةُ كذلك، وكذلك الشِّرك، لا أنَّ هذه الحقائق صارت بالشَّرع كذلك.

نعم، الشّارعُ كساها بنهيه عنها قبحًا إلى قبحها. فكان قبحُها من ذاتها، وازدادت قبحًا عند العقل بنهي الرَّبِّ تعالى عنها، وذمِّه لها، وإخباره ببغضها وبغض فاعلها كما أنَّ العدلَ والصِّدقَ والتّوحيدَ ومقابلةَ نِعَمِ المُنعِم بالثّناء والشُّكرِ حسنٌ في نفسه، وازداد حسنًا إلى حسنه بأمر الرَّبِّ به، وثنائه على فاعله، وإخباره بمحبة (1) ذلك ومحبّة فاعليه (2).

بل من أعلام نبوّة محمّدٍ - صلى الله عليه وسلم -: أنّه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحِلُّ لهم الطّيِّبات، ويُحرِّم عليهم الخبائث. فلو كان كونُه معروفًا ومنكرًا وخبيثًا وطيِّبًا إنّما هو لتعلُّقِ الأمر والنَّهي والحِلِّ والتَّحريم به، لكان بمنزلة أن يقال: يأمرهم بما يأمرهم به، وينهاهم عمَّا ينهاهم عنه، ويُحِلُّ لهم ما يُحِلُّه، ويُحرِّم عليهم ما يُحرِّمه (3)! وأيُّ فائدةٍ في هذا؟ وأيُّ عَلَمٍ يبقى فيه لنبوّته؟ وكلامُ الله يُصان عن ذلك، وأن يُظَنَّ به ذلك. وإنّما المدحُ والثّناءُ والعَلَمُ الدّالُّ على نبوّته أنَّ ما يأمرُ به تشهدُ العقولُ الصَّحيحةُ حسنَه وكونَه

الصفحة

366/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !