مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

8575 13

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

فصل

وأمّا التَّوبة من التَّوبة (1)، فهي من المجملات التي يراد بها حقٌّ وباطلٌ، ويكون مرادُ المتكلِّم بها حقًّا، فيُطلِقه من غير تمييزٍ. فإنَّ التَّوبةَ من أعظم الحسنات، والتَّوبةُ من الحسنات من أعظمِ السّيِّئات وأقبحِ الجنايات، بل هو كفرٌ إن أُخِذَ على ظاهره. ولا فرق بين التَّوبة من التَّوبةِ والتَّوبةِ من الإسلام والإيمان؛ فهل يسوغ أن يقال بالتَّوبة من الإيمان!

ولكن مرادهم: أن يتوب من رؤية التَّوبة، فإنَّها إنَّما حصلت له بمنَّةِ الله ومشيئته، ولو خُلِّيَ ونفسَه لم تسمَح بها البتّة. فإذا رآها وشَهِد صدورَها منه ووقوعَها به، وغفَلَ عن منَّةِ الله عليه= تاب من هذه الرُّؤية والغفلة. ولكنَّ هذه الرُّؤيةَ والغفلةَ ليست هي التّوبة، ولا جزءًا منها، ولا شرطًا لها، بل هي جنايةٌ أخرى عرضت له بعد التَّوبة؛ فيتوبُ من هذه الجناية، كما تاب من الجناية الأولى. فما تابَ إلّا من ذنبٍ أوّلًا وآخرًا، فكيف يقال: يتوب من التّوبة! هذا كلامٌ غير معقولٍ، ولا هو صحيحٌ في نفسه.

بلى، قد يكون في التَّوبة علّةٌ ونقصٌ وآفةٌ تمنع كمالَها، وقد يشعر صاحبُها بذلك وقد لا يشعر به (2)، فيتوب من نقصانِ التّوبة وعدمِ توفيتها حقَّها. وهذا أيضًا ليس توبةً من التَّوبة، وإنّما هو توبةٌ من عدم التّوبة؛ فإنّ القدرَ الموجودَ منها طاعةٌ لا يتاب منها، والقدرُ المفقودُ منها هو الذي يحتاج أن يتوب منه.

الصفحة

318/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !