مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10267 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

التَّمييز والفرقان ــ وهو صاحب الفناء الثّالث ــ أكمل منهما.

فزوالُ العقلِ والتّمييزِ والغَيبةُ عن شهود نفسه وأفعالها لا يُحمَد، فضلًا عن أن يكون في أعلى مراتب الكمال؛ بل يُذَمُّ إذا تسبَّب إليه وباشَرَ أسبابَه، وأعرض عن الأسباب التي توجب له التّمييز والعقل. ويُعذَر إذا ورد عليه ذلك بلا استدعاءٍ، بل كان مغلوبًا عليه، كما يُعذَر النّائمُ، والمغمى عليه، والمجنونُ، والسّكرانُ الذي لا يُذَمُّ على سُكره كالمُوجَرِ (1) والجاهلِ بكون الشَّراب مسكِرًا ونحوهما.

وليس أيضًا هذه الحال بلازمةٍ لجميع السّالكين، بل هي عارضةٌ لبعضهم: منهم من يبتلى بها كأبي يزيد وأمثاله، ومنهم من لا يبتلى بها وهم أكمل وأقوى، فإنَّ الصّحابةَ ــ وهم ساداتُ العارفين وأئمّةُ الواصلين، وقدوةُ السَّالكين ــ لم يكن فيهم من ابتُلي بمثل ذلك (2)، مع قوّة إرادتهم، وكثرة منازلاتهم (3)، ومعاينة ما لم يعاينه غيرُهم، ولا شَمَّ له رائحةً، ولم يخطُر على قلبه. فلو كان هذا الفناء كمالًا لكانوا هم أحقَّ به وأهلَه، وكان لهم منه (4) ما لم يكن لغيرهم.

ولا كان أيضًا هذا حال نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - (5). ولهذا، في ليلة المعراج، لمّا أُسري به وعايَنَ ما عايَنَ ممّا أراه الله إيّاه من آياته الكبرى لم تعرض له هذه الحال،

الصفحة

240/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !