مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10287 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

فأمّا الفناء عن وجود السِّوى، فهو فناء الملاحدة القائلين بوحدة الوجود، وأنّه ما ثَمَّ غيرٌ (1)، وأنَّ غايةَ العارفين والسّالكين الفناءُ في الوحدة المطلقة، ونفيُ التّكثُّر والتّعدُّد عن الوجود بكلِّ اعتبارٍ، فلا يشهد غيرًا أصلًا، بل يشهد وجودَ العبد عينَ وجود الرّبِّ، بل ليس عندهم في الحقيقة ربٌّ وعبدٌ.

وفناءُ هذه الطّائفة في شهود الوجودِ كلِّه واحدًا (2)، وهو الواجب بنفسه، ما ثَمَّ وجودان: ممكنٌ، وواجبٌ. ولا يفرِّقون بينَ كون وجود المخلوقات بالله، وبينَ كونِ وجودها هو عين وجوده. وليس عندهم فرقانٌ بين العالمين وربِّ العالمين، ويجعلون الأمر والنّهي للمحجوبين عن شهودهم وفنائهم، وهو تلبيسٌ عندهم. والمحجوبُ عندهم شهِدَ (3) أفعاله طاعاتٍ ومعاصي، لأنه في مقام الفرق، فإذا ارتفعت درجته شهِدَ أفعالَه كلَّها طاعاتٍ لا معصية فيها، لشهوده الحقيقةَ الكونيَّةَ الشَّاملةَ لكلِّ موجودٍ. فإذا ارتفعت درجته عندهم فلا طاعة ولا معصية، بل ارتفعت الطّاعات والمعاصي، لأنّها تستلزم اثنينيّةً وتعدادًا (4)، وتستلزم مطيعًا ومطاعًا وعاصيًا ومعصيًّا؛ وهذا عندهم محض الشِّرك، والتّوحيد المحض يأباه. فهذا فناء هذه الطّائفة.

وأمّا الفناء عن شهود السِّوى، فهو الفناء الذي يشير إليه أكثر الصُّوفيّة المتأخِّرين، ويعدُّونه غايةً، وهو الذي بنى عليه أبو إسماعيل الأنصاريُّ كتابه

الصفحة

236/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !