
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بخلاف الصَّبْر فإنّ الله أمر به في مواضع كثيرةٍ من القرآن (1). وكذلك التّوكُّل: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]. وأمر بالإنابة، فقال: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54]. وأمر بالإخلاص كقوله: {أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، وقوله: {(13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ} (2) [غافر: 14]. وكذلك الخوف كقوله: {فَلَا تَخَافُوهُمْ واخْشَوْنِ} (3) [آل عمران: 175]، وقوله: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَخَافُونِ} (4) [المائدة: 44]، وقوله: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]. وكذلك الصِّدق، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]. وكذلك المحبّة، وهي أفرَضُ الواجبات، إذ هي قلبُ العبادة المأمور بها، ومخُّها وروحُها. وأمّا الرِّضا فإنّما جاء في القرآن مدحُ أهله والثّناءُ عليهم، لا الأمرُ به.
قالوا: وأمّا الأثر المذكور فإسرائيليٌّ، لا يحتجُّ به.
قالوا: وفي الحديث المعروف عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن استطعتَ أن تعمل لله بالرِّضا مع اليقين فافعل. فإن لم تستطع فإنَّ في الصَّبر على ما تكره النّفس خيرًا كثيرًا (5) "، وهو في بعض "السُّنن" السنن" هو أصل هذا الحديث: "احفظ الله يحفظك ... "، فقد أخرجه الترمذي (2516) وغيره من رواية حَنَش الصنعاني عن ابن عباس مرفوعًا، ولكن ليس فيه هذه الفقرة. وإنما أخرجه بهذه الزيادة هنَّاد في "الزهد" (536) والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (274) والبيهقي في "شعب الإيمان" (9528) من رواية عمر مولى غُفرة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وعمر مولى غفرة ضعيف، والحديث ضعَّفه الألباني في "الضعيفة" (5107)." data-margin="6">(6).