
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ويجزيَهم بالحسنى. وذلك لا يتمُّ إلّا بالرِّسالة والنُّبوّة، فكانت رحمته مقتضيةً لها (1).
الخامس: ملكُه، فإنَّ المُلْكَ يقتضي التّصرُّفَ بالقول، كما أنَّ المِلْكَ يقتضي التّصرُّفَ بالفعل. فالملِكُ: المتصرِّفُ بأمره وقوله، فتُنَفَّذ (2) أوامرُه ومراسيمُه حيث شاء. والمالك: المتصرِّفُ في ملكه بفعله. والله له المُلْكُ، وله المِلْكُ، فهو المتصرِّفُ في خلقه بالقول والفعل.
فتصرُّفهُ (3) بقوله نوعان: تصرُّفٌ بكلماته الكونيّة، وتصرُّفٌ بكلماته الدِّينيّة، وكمالُ المُلْكِ بهما. فإرسالُ الرُّسل موجَبُ كمالِ مُلكه وسلطانه. وهذا هو المُلك المعقول في فِطَر النّاس وعقولهم، فكلُّ مَلِكٍ لا تكون (4) له رسلٌ يبُثُّها في أقطار مملكته فليس بمَلكٍ.
وبهذه الطّريق يُعلَم (5) وجودُ ملائكته (6)، وأنَّ الإيمانَ بهم من لوازم الإيمان بمُلكه، فإنّهم رسلُ الله في خلقه وأمره.
السّادس: ثبوتُ يوم الدِّين، وهو يوم الجزاء الذي يدين الله فيه العباد بأعمالهم خيرًا وشرًّا. وهذا لا يكون إلّا بعد ثبوت الرِّسالة والنُّبوّة وقيام