مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

6438 7

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وعبوديَّتَه، وأضافها إلى الله، وشهد مع ذلك كونَها به؟ فأين هذا من حال المستغرِق الفاني المصطلَم الذي قد غاب بمعبوده عن حقِّه وعبادته، وقد أُخِذَ منه وغُيِّب عنه؟ نعم، غايةُ هذا أن يكون معذورًا، أمّا أن يكون مقامُه أعلى مقامٍ وأجلَّه فكلَّا.

وكذلك إذا قال في قراءته: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فعبوديّةُ هذا القول فهمُ معنى العبادة والاستعانة، واستحضارُهما، وتخصيصُهما بالله، ونفيُهما عن غيره. فهذا أكمَلُ من قول ذلك بمجرَّد اللِّسان.

وكذلك إذا قال في ركوعه: "اللهمَّ لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشَع لك سمعي وبصري ومخِّي وعَظْمي، وما استقلَّ به قدَمي" (1). فكيف يؤدِّي عبوديّةَ هذه الكلمات غائبٌ عن فعله مستغرقٌ في فنائه؟ وهل يبقى غيرُ أصواتٍ جاريةٍ على لسانٍ؟ ولولا العذرُ لم تكن هذه عبوديّةً.

نعم، رؤيةُ هذه الأفعال، والوقوفُ عندها، والاحتجابُ بها عن المنعِم بها الموفِّق لها المانِّ بها= من أعظم العلل والقواطع (2). قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17]. فالعارف غائبٌ بمنّة الله عليه في طاعته مع شهودها ورؤيتها، والجاهلُ غائبٌ بها عن رؤية منَّة الله، والفاني غائبٌ

الصفحة

421/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !