مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

8950 13

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

ولا يقطع هذه العقبةَ إلّا أهلُ البصائر والصِّدق من أولي العلم (1).

= فإذا نجا منها لم يبق هناك عقَبةٌ يطلبه العدوُّ عليها سوى واحدةٍ لا بدَّ له منها، ولو نجا منها أحدٌ لنجا منها رسلُ الله وأنبياؤه وأكرمُ الخلق عليه. وهي عقَبةُ تسليطِ جندِه عليه بأنواع الأذى باليد واللِّسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير. فكلَّما علَتْ مرتبتُه أجلَبَ عليه بخيله ورَجْله، وظاهَرَ عليه بجنده، وسلَّطَ عليه حزبَه وأهلَه بأنواع التَّسليط. وهذه العقَبةُ لا حيلة له في التّخلُّص منها، فإنّه كلَّما جدَّ في الاستقامة والدَّعوة إلى الله تعالى والقيام بأمره، جدَّ العدوُّ في إغراء السُّفهاء به، فهو في هذه العقبة قد لبِس لَأْمةَ الحرب، وأخذ في محاربة العدوِّ لله وبالله. فعبوديّتُه فيها عبوديّةُ خواصِّ العارفين، وهي تسمّى "عبوديّة المراغمة"، ولا ينتبه لها إلّا أولو البصائر التّامَّة. ولا شيءَ أحبُّ إلى الله من مراغمةِ وليِّه لعدوِّه وإغاظتِه له.

وقد أشار سبحانه وتعالى إلى هذه العبوديّة في مواضع من كتابه. أحدها: قوله: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100]. سمَّى المهاجَرَ الذي يهاجَر فيه إلى عبادة الله (2) "مراغَمًا" لأنه يُراغَم به عدوُّ الله وعدوُّه، واللهُ يحبُّ من وليِّه مراغمةَ عدوِّه وإغاظته، كما قال تعالى:

الصفحة

353/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !