مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10247 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

الخلق والأمر. ونفيُه كما يقول أعداؤه هو الباطلُ والعبَثُ الذي نزَّه نفسَه عنه، وهو السُّدى الذي نزَّه نفسَه عن أن يترك الإنسانَ عليه. فهو سبحانه يحبُّ أن يُعبَد ويُطاعَ، ولا يعبأ بخلقه شيئًا لولا محبّتهم وطاعتهم له. وقد أنكر على من زعم أنّه خلقهم لغير ذلك. وإنّهم لو خُلِقوا لغير عبادته وتوحيده وطاعته (1) لكان خلقُهم عبثًا وباطلًا وسدًى، وذلك ما (2) يتعالى عنه أحكمُ الحاكمين والإله الحقُّ.

فإذا خرج العبدُ عمّا خُلِق له من طاعته وعبوديَّته (3)، فقد خرج عن أحبِّ الأشياء إليه، وعن الغاية التي لأجلها خُلِقت الخليقة، وصار كأنّه خُلِقَ عبثًا لغير شيءٍ، إذ لم تُخرج أرضُه البذرَ الذي وُضِع فيها، بل قلبَتْه شوكًا ودَغَلًا (4). فإذا راجعَ ما خُلِق له ووُجِد لأجله فقد رجع إلى الغاية التي هي أحبُّ الأشياء إلى خالقه وفاطره، ورجع إلى مقتضى الحكمة التي خُلِق لأجلها، وخرَج عن معنى العبث والسُّدى والباطل. فاشتدَّت محبَّةُ الرَّبِّ له فإنَّ اللهَ يحبُّ التَّوَّابين، فأوجبت هذه المحبّةُ فرحًا كأعظم ما يقدَّر من الفرح.

ولو كان في الفرح المشهود في هذا العالم نوعٌ أعظمُ من هذا الذي ذكره النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَذكَره، ولكن لا فرحةَ أعظمُ من فرحة هذا الواجدِ الفاقدِ لمادّة حياته وبلاغه في سفره، بعد يأسه من أسباب الحياة بفقده. وهذا لشدَّة محبّته

الصفحة

336/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !