مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10548 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

ومنهم مَن رجع على عقبيه لمّا سمع أصواتَ (1) أمواجه، ولم يُطِقْ نظرًا إليه.

ومنهم مَن رمى بنفسه في لُجَجه، تخفضه موجةٌ، وترفعه أخرى.

فهؤلاء الثّلاثةُ على خطرٍ، إذ الواقفُ (2) على السّاحل عرضةٌ لوصول الماء تحت قدميه. والهاربُ ــ ولو جدَّ في الهرب ــ فما له مصيرٌ إلّا إليه. والمخاطرُ ناظرٌ إلى الغرَق كلَّ ساعةٍ بعينيه.

وما نجا من الخلق إلّا الصِّنفُ الرّابعُ، وهم الذين انتظروا موافاةَ سفينةِ الأمر، فلمّا قربت منهم ناداهم الرُّبَّانُ: {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مُجْراهَا وَمُرْسَاهَا} (3) [هود: 41]. فهي سفينةُ نوح حقًّا وسفينةُ مَن بعده من الرُّسل، من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق. فركبوا سفينةَ الأمرِ بالقدر، تجري (4) بهم في تصاريف أمواجه على حكم التَّسليم لمن بيده التّصرُّفُ في البحار، فلم تكن إلّا غفوة حتّى قيل لأرض الدُّنيا وسمائها: {يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} واستوت على جُوديِّ (5) دارِ القرار.

والمتخلِّفون عن السّفينة كقوم نوحٍ، أُغْرِقُوا، ثمّ أُحْرِقُوا، ونودي عليهم على رؤوس العالمين: {وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44] (6)، {وَمَا

الصفحة

310/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !