
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فسؤال الهداية متضمِّنٌ لحصول كلِّ خيرٍ، وللسَّلامة من كلِّ شرٍّ (1).
الموضع السابع: من معرفة نفس المسؤول، وهو الصِّراط المستقيم. ولا يكون الطَّريق صراطًا حتّى يتضمَّن خمسة أمورٍ: الاستقامة، والإيصال إلى المقصود، والقرب، وسعته للمارِّين عليه، وتعيُّنه طريقًا للمقصود. ولا يخفى تضمُّن الصِّراط المستقيم لهذه الأمور الخمسة.
فوصفُه بالاستقامة يتضمَّن قربه، لأنّ الخطَّ المستقيمَ هو أقرب خطٍّ فاصلٍ (2) بين نقطتين، وكلَّما تعوَّج طال وبعُد. واستقامتُه تتضمّن إيصاله إلى المقصود. ونصبُه لجميع من يمرُّ عليه يستلزم سعته. وإضافتُه إلى المنعَم عليهم ووصفُه بمخالفة صراط أهل الغضب والضَّلال يستلزم تعيُّنه طريقًا.
والصِّراط تارةً يضاف إلى الله، إذ هو الذي (3) شرعه ونصبه، كقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153]، وقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52 - 53]. وتارةً يضاف إلى العباد كما في الفاتحة، لكونهم أهل سلوكه، وهو المنصوب لهم، وهم المارُّون عليه (4).