{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
في المسألة بدا له ــ فيما أظن ــ أن ينقل المسألة برمتها أو بشيء من التصرف من كتاب الروح والنفس. ومثل هذا حصل في المسألة الثالثة في الكلام على النفس المطمئنة والنفس اللوامة، فقد انجرَّ الكلام إلى ذكر بعض الفروق، والمؤلف له عناية خاصة بها لأهميتها في الدين، فقد قال: "إن الدين كله فرق"، فأطلق العنان لقلمه الفياض وتكلم على خمسة وثلاثين فرقًا، ثم توقف قليلًا لتنبيه القارئ على خطر باب الفروق، ثم عاد فتكلم على ثمانية فروق ختم بها الكتاب. فلو علم المؤلف أن المسألة الأولى من المسائل الثلاث ستستغرق نحو 44 صفحة (من الطبعة الهندية) والثالثة نحو 82 صفحة في حين أن الثانية لا تحتاج إلا إلى خمس صفحات فحسب= لو علم ذلك واستقبل من أمره ما استدبر لم يجمعهن قط في مسألة واحدة، وهي المسألة التاسعة عشرة. وقد اضطر لما اتسع الكلام على الأولى إلى إفراد الثانية بالعشرين والثالثة بالحادية والعشرين، ولكن بقي ذكر الثلاث كلها في المسألة التاسعة والعشرين كما كان، وفات المؤلف أن يعود إليها ليحذف الثانية والثالثة من عنوانها. وإليكم الآن مسائل الكتاب حسب ترتيب المؤلف: 1 - هل تعرف الأموات بزيارة الأحياء وسلامهم عليهم أو لا؟ 2 - أرواح الموتى هل تتلاقى وتتزاور وتتذاكر أو لا؟ 3 - هل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات؟ 4 - هل تموت الروح أو الموت للبدن وحده؟ 5 - الأرواح بعد مفارقة الأبدان إذا تجرّدت فبأي شيء يتميز بعضها من بعض حتى تتعارف وتتلاقى ... ؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].