"ما من مسلم يمر بقبر أخيه ... "
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موارد الكتاب موارد المؤلف في كتاب الروح نوعان: أحدهما نقول من الكتب سمَّاها أو سمَّى أصحابها، والآخر نقول شفوية أسندها إلى بعض شيوخه وأصحابه. أما النصوص التي نقلها من كتب شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية فصرَّح بالنقل عنه أحيانًا، ولم يصرح أحيانًا أخرى. وهذا منهجه المعروف في النقل عن شيخه. وكثيرًا ما يغفل الإشارة إلى مصدره، وقد يذكر مؤلفه في خلال النقل، وقد يحيل على مصدر، مع أنه نقل منه بواسطة كتاب آخر، وقد يكون صاحب هذا المصدر الوسيط واهمًا في النقل، فينتقل وهمه إلى كتاب الروح. وقد نبهت على ما وقفت منه في حواشي الكتاب. وقد رأيت أن أتحدث عن موارد المؤلف في هذا الكتاب مسألة مسألة، ولا أشير إلى الصحيحين والموطأ وكتب السنن ونحوها لاستفاضة النقل منها، وستأتي أسماؤها مع أماكنها في الفهرس الخاص بالكتب المذكورة في المتن. * المسألة الأولى في معرفة الأموات بزيارة الأحياء وسلامهم عليهم. بُنِيت هذه المسألة ــ فيما ظهر لي ــ على بعض فتاوى شيخ الإسلام كالفتوى الواردة في المجموع، وقد سئل عن معرفة الميت بزائره وسماعه لكلامه (24/ 3039) و (24/ 362). وتصحيح ابن عبد البر لحديث:
"ما من مسلم يمر بقبر أخيه ... "
والاستدلال بالسلام على الموتى على معرفتهم بالمسلِّم كلاهما مأخوذ من كلام الشيخ، وإن لم يشر المؤلف إلى ذلك.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الحمد لله العلي العظيم، الحليم الحكيم، الغفور الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين. الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. لقد (1) خلق الإنسان من سُلالة من طين. ثم جعله نطفة في قرارٍ مكين. ثم خلق النطفةَ عَلَقةً سوداءَ للناظرين. ثم خلق العلقةَ مُضغةً، وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين. ثم خلق المضغةَ عظامًا مختلفةَ المقادير والأشكال أساسًا يقوم عليه هذا البناءُ المتين (2). ثم كسا العظامَ لحمًا هو لها كالثوب لِلَّابسين. ثم أنشأ خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين. فسبحان مَن شملت قدرتُه كلَّ مقدور. وجرت مشيئتُه في خلقه بتصاريف الأمور. وتفرَّد بمُلك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء.
{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا جلَّ عن المثيل والنظير. وتعالى عن الشريك والظهير. وتقدَّس عن شبه خلقه، فـ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].