وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)]
حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 868
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الروح [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (26)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل أيوب الإصلاحي خرج أحاديثه: كمال بن محمد قالمي راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - جديع بن محمد الجديع الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل) قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
كتاب الروح تأليف ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق محمد أجمل أيوب الإصلاحي
وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118].
أي: إن غفرتَ لهم غفرتَ عن عزَّةٍ [160 أ] وهي كمالُ القدرة، وحكمةٍ وهي كمالُ العلم. فغفرتَ بعد أن علمتَ ما عملوا وأحاطت بهم قدرتك، إذ المخلوق قد يغفر (1) لعجزِه عن الانتقام، وجهلهِ بحقيقة ما صدَر من المسيء، والعفوُ من المخلوق ظاهرُه ضيمٌ وذلٌّ، وباطنه عزٌّ ومهابة. والانتقامُ ظاهرُه عزٌّ، وباطنُه ذلٌّ، فما زاد الله عبدًا (2) بعفوٍ إلا عزًّا، ولا انتقم أحد لنفسه إلا ذلَّ، ولو لم يكن إلا بفوات عزِّ العفو. ولهذا ما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه قط (3). وتأمل قوله سبحانه:
{هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39]
كيف يُفهم منه أنَّ فيهم من القوة ما يكونون هم بها المنتصرين لأنفسهم، لا أن غيرهم هو الذي ينصرهم؟ ولما كان الانتصار لا تقف النفوس فيه على حدِّ العدل غالبًا بل لابد من المجاوزة، شرَع فيه سبحانه المماثلة والمساواة، وحرَّم الزيادة، وندَب إلى العفو. والمقصودُ أن العفو من أخلاق النفس المطمئنة، والذلَّ من أخلاق الأمَّارة. ونكتة المسألة (4) أن الانتقامَ شيء، والانتصارَ شيء. فالانتصار أن ينتصر لحقِّ الله ومن أجله. ولا يقوَى على ذلك إلا مَن تخلَّص من ذلِّ حظّه ورِقِّ هواه، فإنه حينئذٍ ينال حظًّا من العزِّ الذي قَسَم الله للمؤمنين، فإذا بُغيَ عليه