{يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84]

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إلى ذلك الكرب، كما قيل (1):
تشكّى (2) المحبُّون الصّبابةَ ليتني ... تحمّلت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لقلبي لذّةُ الحبِّ كلُّها ... فلم يلْقَها قبلي محبٌّ ولا بعدي
قوله: (إن تنفّس تنفّس بالأسف). الأسف: الحزن، كقوله تعالى عن يعقوب:
{يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84]
، والأسف: الغضب، كما في قوله تعالى:
{فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55]
وهو في هذا الموضع: الحزن على ما توارى عنه من مطلوبه أو مِن صِدْق حاله.
قوله: (أو (3) نطَقَ نطَقَ بالحزن) يعني: أنّ هذا المتنفِّس إن نطق نطق بما يدلُّ على الحزن على ما توارى عنه، فمصدر تنفُّسه ونُطْقه حزنُه على ما حُجِب عنه.
قوله: (وعندي: أنّه يتولّد من وَحْشة الاستتار) يريد: أنّ هذا الأسف وإن أضيف إلى الاستتار والحجاب فتولُّده: إنّما هو من الوحشة التي سببها الاستتار والحَجْب؛ وكأنّ الاستتار عنده سبب السّبب فيتولّد الأسف (4) من تلك الوحشة المتولِّدة من الاستتار، وهذا صحيحٌ؛ فإنّه لمّا كان مطلوبه