مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

6292 2

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

المستعار هو توحيدُ الرَّبِّ تعالى لنفسه، وتوحيدَ غيره له عاريَّةٌ محضةٌ أعاره إيّاها مالكُ الأمر كلِّه، والعواريُّ مردودةٌ إلى من تُرَدُّ إليه الأمورُ كلُّها.

{وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (1) [يونس: 30].

فالواحد القهّار سبحانه أبطل تلك العاريَّة أن تكون ملكًا للمعار، كما يبيِّن المعيرُ للمستعير إذا استردَّ العينَ المعارةَ ــ وقد ظنَّ المستعيرُ أنَّ المعارَ مِلكُه ــ أنَّ الأمر ليس كذلك، وأنَّه عاريَّةٌ محضةٌ في يده. والمعيرُ أبطَلَ (2) ظنَّ المستعير من العارية، لم يُبطل أصلَ العارية. ولهذا صرَّح بإثباتها في أوّل البيت، وإنّما ضاق به (3) الوزنُ عن تمام المعنى وإيضاحه. وهذا المعنى حقٌّ، وهو أولى بهذا الإمام العظيم القدر ممّا يظنُّه به طائفة الاتِّحاديّة والحلوليّة. وإن كانت كلماتُه المجملةُ شبهةً لهم، فسنَّتُه المفصَّلةُ مبطلةٌ لظنِّهم.

ولكلامه محملٌ آخر أيضًا، وهو: أنّه ما وحَّد الله حقَّ توحيده الذي ينبغي له ويستحقُّه لذاته سواه، كما قال أعظمُ النّاس توحيدًا - صلى الله عليه وسلم -:

«لا أحصي ثناءً عليك» (4).

ومثلُ هذا يصحُّ فيه النَّفيُ العامُّ، كما يقال: ما عرف الله إلّا الله، ولا أثنى عليه سواه. والكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدُهما أعظَم الباطل، ويريد بها الآخرُ محضَ الحقِّ، والاعتبارُ بطريقة القائل وسيرته

الصفحة

552/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !